مَن أَنا، في قولِكم أَنتُم؟

متفرقات

مَن أَنا، في قولِكم أَنتُم؟



إتباع يسوع


تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التّبشير الملائكي مع وفود من المؤمنين احتشدوا في ساحة القدّيس بطرس، ووجّه كلمة استهلّها بالقول: يقدّم لنا إنجيل اليوم يسوع الذي، وفي الطريق نحو قيصريّة فيلبُّس، يسأل تلاميذه: "مَن أَنا في قَولِ النَّاس؟" (مرقس 8، 27). فأَجابوه بما كان الناس يقولونه أي أن البعض يعتبرونه يوحَنَّا المَعمَدان وبَعضُهم يقول إِيلِيَّا، وآخَرُون أَحَد الأَنبِياء. لقد كان الناس يقدّرون يسوع ويعتبرونه مرسلاً من الله، لكنّهم لم يكونوا قادرين بعد على الإعتراف بأنّه المسيح، ذاك المسيح المُعلن والمُنتظر من قبل الجميع.


"ومَن أَنا، في قولِكم أَنتُم؟" هذا هو السؤال المهمّ الذي وجّهه يسوع مباشرة للذين تبعوه ليتأكّد من إيمانهم. لكن بطرس أعلن ببساطة باسم الجميع "أَنتَ المسيح". لقد دُهش يسوع من إيمان بطرس واعترف بأنّ هذا الإعلان هو نعمة خاصة من الله الآب. وعندها أخبر تلاميذه بصراحة بما ينتظره في أورشليم، أي بأنّ "ابنَ الإِنسانِ يَجِبُ علَيه أَن يُعانيَ آلامًا شديدة... وأَن يُقتَل، وأَن يقومَ بَعدَ ثَلاثةِ أَيَّام".


تابع الأب الأقدس بعد أن سمع هذا الكلام حتى بطرس الذي أعلن إيمانه بيسوع على أنّه المسيح قد تشكّك. فانفَرَدَ بُطرُس بالمعلّم وأَخَذَ يُعاتِبُه. وكيف كانت ردّة فعل يسوع؟ بدوره زَجَرَ يسوع بُطرسَ وقال: "إِذهَب عَنِّي، يا شَيطان، لأَنَّ أَفكارَكَ لَيسَت أَفكارَ الله، بل أَفكارُ البَشَر". لقد تنبّه يسوع بأنّه في بطرس، كما في التلاميذ الآخرين – وفي كلّ فرد منّا أيضًا – تواجه نعمة الآب تجربة الشيطان الذي يريد أن يبعدنا عن مشيئة الله.


من خلال إعلانه بأنّه ينبغي عليه أن يتألّم ويُقتل ويقوم بعدها، يريد يسوع أن يُفهِّم الذين يتبعوه بأنّه مسيح متواضع وخادم. إنّه العبد الطائع لمشيئة الآب وكلمته حتى التضحية الكاملة بحياته. لذلك توجّه إلى الجمع كلّه وأعلن أنّه على من يريد أن يكون تلميذًا له أن يقبل أن يكون خادمًا، كما جعل هو أيضًا من نفسه خادمًا وقال: "مَن أَرادَ أَن يَتبَعَني، فَلْيَزْهَدْ في نَفْسِه ويَحمِلْ صَليبَه ويَتبعْني".


 إن إتّباع يسوع يعني أن يحمل المرء صليبه ليرافقه في مسيرته، مسيرة صعبة وليست مسيرة النجاح والمجد الأرضيّ لكنّها تقود نحو الحريّة، الحريّة من الأنانيّة والخطيئة. إنّه رفض واضح لتلك الذهنيّة الدنيويّة التي تضع "الأنا" والمصالح الشخصيّة في محور الحياة، وأن يفقد المرء حياته من أجل المسيح والإنجيل ليستعيدها مُجّددة وأصيلة.


وبفضل يسوع، نحن متأكدون أنّ هذه الدّرب تقود نحو القيامة وملء الحياة مع الله. إنّ القرار بإتباعه هو، معلِّمنا والرّبّ الذي جعل من نفسه خادمًا للجميع، يتطلّب السَّير وراءه والإصغاء له في كلمته – تذكّروا أن تقرؤوا يوميًّا مقطعًا من الإنجيل – وفي الأسرار. 


 هناك العديد من الشباب هنا في السّاحة: شباب وشابات. وأنا أسألكم: هل شعرتم بالرّغبة بإتّباع يسوع عن قرب؟ فكّروا وصلّوا واسمحوا للرّبّ بأن يكلّمكم! وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ بالقول لتساعدنا العذراء مريم التي تبعت يسوع حتّى الجلجلة لنطهّر إيماننا من الصُّور الخاطئة التي نملكها عن الله لنتبع المسيح وإنجيله بالكامل.


وبعد صلاة التّبشير الملائكيّ حيّى الأب الأقدس المؤمنين المُحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال سيتمّ اليوم في جنوب السّودان إعلان تطويب سامويل بينيديكت داسوا، أب عائلة، قُتل عام 1990 بسبب أمانته للإنجيل. لقد أظهر صدقـًا كبيرًا في حياته إذ قبل بشجاعة المواقف المسيحيّة ورفَضَ العادات الدنيويّة والوثنيّة. لتساعد شهادته العائلات بشكلٍ خاصّ لتنشر حقيقة المسيح ومحبّته. وشهادته تتّحد بشهادة العديد من إخوتنا وأخواتنا، الشباب والمسنّين والأطفال المُضطهدين والذين يُطردون ويُقتلون بسبب اعترافهم بيسوع المسيح. جميع هؤلاء الشّهداء، سامويل بينيديكت داسوا والآخرين، نشكر شهادتهم ونطلب منهم أن يشفعوا لنا. 

إذاعة الفاتيكان.